البن العربي (Coffea arabica)
كان ينمو بشكل بري في المرتفعات الإفريقية مثل إثيوبيا والسودان، وكذلك في اليمن. ويُعتقد أن اليمن هو أول من استزرع هذا المحصول منذ أكثر من 800 عام،
حيث حوله إلى سلعة تجارية قيمة. احتكر اليمنيون تجارة البن لأكثر من ثلاثة قرون، وتمكن المزارعون من تطوير أصناف متميزة ومتنوعة تكيفت
مع الظروف البيئية والزراعية المحلية، مما منح البن اليمني خصائص فريدة في النكهة والجودة، وجعل منه أحد المحاصيل الزراعية الأكثر شهرة في العالم.
فيما يتعلق باكتشاف القهوة، يقال إن المشروب بدأ في اليمن حيث كان يستخدم كمصدر للطاقة والتنشيط. إحدى القصص المشهورة تروي أن راعيًا يمنيًا اكتشف
أن أغنامه تصبح أكثر نشاطًا وحيوية بعد تناولها لثمار البن، ومن ثم قام أحد الشيوخ المتصوفين بتجربة هذه الثمار وغليها مع الماء،
ليكتشف فوائدها في إبعاد الخمول وطرد النعاس. منذ ذلك الوقت، بدأ الناس في استخدام القهوة في مناسباتهم الدينية والاجتماعية، حيث أصبح لها دور في تعزيز النشاط الذهني والجسدي.
انتشرت مجالس شرب القهوة في اليمن ومن ثم إلى باقي مدن الجزيرة العربية مثل مكة والمدينة، لتصل بعدها إلى مصر وتركيا في أوائل القرن السادس عشر.
ويُقال إن بعض الرحالة الغربيين الذين زاروا الشرق الأوسط في تلك الفترة ذكروا وجود مشروب أسود ساخن لم يعرفوه من قبل، وهو ما يشير إلى بداية انتشار القهوة عالميًا.
في بداية القرن التاسع، كانت بعض القبائل اليمنية قد بدأت في استخدام ثمار البن، حيث كانوا يتركونها تنقع في الماء البارد ثم يغليونها لتحسين الطعم. بعد قرنين من الزمن،
بدأ اليمنيون في استخراج الحبوب من ثمار البن، وابتكروا طريقة لتحميصها وتحويلها إلى مشروب تجاري يُشرب بشكل يومي. ويُعتقد أن ابن شاذلي (المتوفى في 1418م)
كان من أوائل من جلبوا البن من الحبشة إلى اليمن، وشجع اليمنيين على زراعته واستخدامه بشكل مكثف، مما جعل القهوة جزءًا من ثقافتهم اليومية.
القهوة اليمنية أصبحت فيما بعد سلعة تجارية هامة أسهمت في ازدهار الاقتصاد اليمني وارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالتجارة العالمية.
كما أن القهوة لعبت دورًا في تعزيز العلاقات التجارية والثقافية بين الشرق والغرب خلال العصور الوسطى. على الرغم من أن هناك العديد من القصص المختلفة حول أصل القهوة،
فإن البيئة المشابهة في كل من إثيوبيا واليمن تجعل من الصعب تحديد الموطن الأصلي لهذا المحصول بدقة. ومع ذلك، يظل للبن تاريخ طويل وعريق يجسد التراث الثقافي والزراعي في المنطقة،
ويعد من أبرز السلع التجارية في العالم، حيث يحتل المرتبة الثانية بعد النفط من حيث العائدات التجارية العالمية.